وجهت منظمات إنسانية دولية نداءات عاجلة بضرورة وقف الأعمال العسكرية في قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات الإغاثية إلى مستحقيها، محذّرة في الوقت ذاته من كارثة إنسانية في حال تكثيف الهجوم على مدينة غزة المكتظة بالسكان.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من نصف مليون شخص في القطاع يواجهون ظروف مجاعة خانقة، مطالبة إسرائيل بضمان تدفق الغذاء والإمدادات الطبية من دون عوائق للحد من الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية. وأشارت المنظمة إلى أن الكميات المحدودة من المساعدات التي يتم إدخالها عبر القنوات الأممية غالباً ما تتعرض للنهب في ظل انهيار المنظومة الأمنية في القطاع.
على الصعيد السياسي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن تُجري "مفاوضات عميقة للغاية" مع حركة حماس، داعياً الحركة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة، محذراً من أن استمرار احتجازهم "سيجعل الوضع أكثر صعوبة وكارثية".
من جانبه، يشترط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب الإفراج عن جميع الرهائن، وتجريد حماس من سلاحها، وتشكيل حكومة فلسطينية منفصلة عن حماس والسلطة الفلسطينية، إلى جانب نزع سلاح غزة بالكامل مع إبقاء السيطرة الأمنية بيد إسرائيل.
أما حركة حماس، فقد أعلنت استعدادها لقبول مقترح لهدنة مدتها 60 يوماً يتخللها الإفراج عن عشرة رهائن، غير أن إسرائيل اعتبرت أن مثل هذه الصفقة الجزئية "لا تضيف جديداً" إلى الطروحات السابقة.
ويحذر محللون من أن غياب "الواقعية السياسية" لدى خليل الحية، بالتزامن مع تعنّت نتنياهو، قد يقوّض فرص أي تسوية، في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي داخل غزة لإنهاء الحرب بأي وسيلة ممكنة.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن وقف الحرب بشكل فوري بات مطلباً شعبياً بامتياز، في ظل ما يعيشه سكان القطاع من مجاعة ومرض وقتل يومي، معتبراً أن حماس قد تخسر رصيدها الشعبي إذا لم تنخرط في مسار جاد يضع حداً لمعاناة الغزيين. ويضيف سوالمة أن استمرار الحرب والدمار قد يطيح بأي أمل في إعادة إعمار غزة، ويفتح الباب أمام سيناريوهات التهجير.
من جهتها، لم تُخفِ إسرائيل استعدادها لتسهيل ما تصفه بـ"الهجرة الطوعية"، رغم فشلها حتى الآن في إقناع دول باستضافة الغزيين، في ظل الموقف العربي الموحد الرافض لأي خطوات تصب في خانة التهجير. ويثير هذا التوجه مخاوف من تحويل الهجرة إلى أداة لتغيير ديموغرافي في القطاع، وسط اتهامات بأنه جزء من خطة مدروسة لتفريغ غزة من سكانها.
في المقابل، تصر حركة حماس على رفض مناقشة هذه الطروحات، وتصفها بأنها "دعاية مضللة" تستهدف كسر صمود الشعب الفلسطيني. لكن مراقبين يحذرون من أن تمسك الحركة بالسلطة، في ظل تصاعد الغضب الشعبي، قد يدفع بعض سكان القطاع فعلياً للتفكير في الهجرة، خاصة في غياب أي بدائل سياسية أو إنسانية واضحة.